11286.jpg

أرمينيا وأذربيجان.. ساحتان خلفيتان لصراع استخباراتي بين إيران وإسرائيل

أرمينيا وأذربيجان.. ساحتان خلفيتان لصراع استخباراتي بين إيران وإسرائيل

تعد أرمينيا وأذربيجان، ساحتين خلفيتين لصراع استخباراتي سري بين إيران وإسرائيل، لم يكشف منه حتى الآن سوى القليل، مقارنة بالساحة السورية، التي دخل فيها الصراع بين الجانبين مرحلة أكثر وضوحًا، حيث تعلن إسرائيل صراحة أنها وراء ضرب أهداف إيرانية هناك، بزعم وقوفها إلى جوار مليشيات “حزب الله”، وراء محاولات تأسيس جبهة عسكرية جديدة بالقسم السوري من الجولان المحتل.

وتتحدث تقارير عن قيام طائرات تابعة للجيش الإسرائيلي، بالتجسس على الحدود الإيرانية مع أذربيجان، وتفيد بأن طائرات من دون طيار تابعة للجيش الإسرائيلي، نفّذت مطلع الشهر الجاري عمليات مراقبة للحدود الإيرانية، أثناء الاشتباكات التي دارت بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم كاراباخ.

وطبقًا لهذه التقارير، فقد استخدم الجيش الإسرائيلي قاعدة عسكرية للجيش الأذري، وقام بالمراقبة والاستطلاع على الحدود الإيرانية.

قاعدة إسرائيلية

ويرى مراقبون، أن تلك الرواية ربما تخفي وراءها معطيات أخرى، من بينها أن الاستخبارات الإسرائيلية تمتلك قاعدة ثابتة في أذربيجان، على مقربة من الحدود الإيرانية، حيث تدير إسرائيل منظومة تجسس عبر طائرات من دون طيار ووسائل أخرى، تستهدف الدولة الفارسية.

وكشفت بعض التقارير مؤخرًا، النقاب عن أن الأراضي الأذرية، تستضيف قاعدة كبرى تتبع جهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة “الموساد”، وأن هذا الأخير يستغل تواجده هناك عند المناطق الحدودية مع إيران لتعقّب ما يدور بداخلها، وأن العديد من الإتهامات صدرت من داخل طهران ضد جارتها الأذرية، بأنها تمكن عملاء الموساد من استخدام أراضيها للتجسس عليها، فضلاً عن أجهزة المراقبة المتطورة المنصوبة على الحدود.

وذهبت إلى أن عمليات مشتركة بين البلدين، أسفرت عن إحباط عملية خطّطت لها إيران وحزب الله لاستهداف السفارة الإسرائيلية في باكو عام 2009، وأن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب يعتبر من المجالات الخصبة للغاية في ملف العلاقات بين البلدين، فضلاً عن العلاقات التجارية، التي تشكّل محورًا أساسيًا لهذه العلاقة، حيث يبلغ التبادل التجاري مليارات الدولارات سنويًا، كما يعتبر النفط الأذري وقودًا يتدفق في شريان اقتصاد الدولة العبرية بشكل لا يتوقف.

علاقات سرية

وتكتسي العلاقات الإسرائيلية – الأذرية طابعًا سريًا إلى حد كبير، مقارنة بتلك التي تجمع بين إيران وأرمينيا، على الرغم من أن ثمة الكثير من الأمور غير المعلومة في الحالة الأخيرة أيضًا، بيد أنه من الواضح أن ثمة تأييدًا إيرانيًا لمواقف حكومة “يريفان”، ومن المحتمل أن الحديث يجري عن توازن قوى ردًا على علاقات تل أبيب مع باكو.

وتمتلك الأخيرتان منظومة تعاون عسكري واستخباراتي واسعة، وضعت أذربيجان على رأس حلفاء الدولة العبرية في تلك المنطقة الحساسة، ونظرت تل أبيب إلى باكو من منظور أنها تشكل حليفًا إستراتيجيًا، وقاعدة للاستخبارات الإسرائيلية تعتبر موطئ قدم على مقربة من حدود إيران الشمالية.

وتتعاون إسرائيل وأذربيجان، طبقًا لما هو معلن في المجالات العسكرية والاستخباراتية، ولا سيما فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب، وأبرمتا صفقات سلاح كبرى في السنوات الأخيرة، لدرجة جعلت من الجيش الأذري عميلاً رئيسًا لشركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية.

ونشأت بين إسرائيل وأذربيجان،علاقات عميقة عقب إعلان الأخيرة الاستقلال عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وازدادت العلاقات قوة لتصل إلى درجة التحالف الإسرائيلي مع البلد، الذي يدين غالبية سكانه بالديانة الإسلامية، ويعتنقون في الغالب المذهب الشيعي، منذ اندلاع الصراع بين أذربيجان وأرمينيا بشأن كاراباخ.

ومنح التحالف بين البلدين، إسرائيل المزيد من الزخم في تلك المنطقة، حيث أُضيف إلى تواجدها القوي في جورجيا، وبالتالي وجدت طهران في هذا التواجد سببًا للقلق، وسعت لتطوير علاقاتها مع يريفان.

إيران تبحث عن توازن

وفي مقابل تمكين أذربيجان إسرائيل من استخدام أراضيها لإرسال طائرات من دون طيار لتنفيذ مهام تجسس داخل إيران، سعت إيران لإحداث توازن ومواجهة التواجد الإسرائيلي في أذربيجان وجورجيا، واتجهت نحو تأييد موقف أرمينيا في صراعها بشأن إقليم كاراباخ، فيما يبدو أن هذا التعاون أثمر عن نتائج، حيث رفضت يريفان مؤخرًا عرضًا إسرائيليًا لتزويدها بالسلاح، وقدمت احتجاجًا شديد اللهجة لتل أبيب، على خلفية كشف تفاصيل استهداف مقاتلين أرمن عبر طائرات انتحارية إسرائيلية من دون طيار.

ويتحدث مراقبون، عن تعاون استخباراتي بين كل من إيران وأرمينيا، وتنسيق بين طهران وبين مجلس الأمن القومي في يريفان، كما يتحدثون عن اتفاقيات مبرمة بين البلدين في الملفين الاستخباراتي والأمني.

وترى الاستخبارات الإيرانية، أن موقع أرمينيا الجغرافي يعد إستراتيجيًا ويمنحها ميزة في مجال جمع المعلومات لمواجهة التواجد الإسرائيلي في تلك المنطقة، وقد تعمّقت العلاقات بين البلدين إبّان الضغوط، التي تسبّبت بها العقوبات الاقتصادية على طهران، وشهدت المزيد من التقارب منذ عام 2008.

وطبقًا لتقارير، فإن وزارة الاستخبارات الإيرانية، كانت قد طلبت من نظيرتها في يريفان السماح لوحدات إيرانية بالتواجد في أرمينيا، وأفادت أن الهدف الإيراني كان وقتها التمكن من جمع معلومات استخباراتية عن نشاط قوات “الناتو”، والوحدات الإسرائيلية المتواجدة في أذربيجان وجورجيا، وفهم طبيعة التكنولوجيا الإسرائيلية، التي تُزوّد بها الجيش والأجهزة الأمنية الجورجية.

وتحدث مراقبون في الأعوام الماضية، عن وجود وحدات تابعة للاستخبارات الإيرانية، تستخدم أجهزة تعقب إلكترونية في المنطقة الواقعة على الحدود الصغيرة بين إيران وأرمينيا، كما تعمل من داخل الأراضي الأرمينية بالقرب من الحدود مع تركيا غربًا، وجورجيا شمالاً، وأذربيجان شرقًا، من أجل تحديد طبيعة التواجد الإسرائيلي في المنطقة.

وتركز الصراع الإيراني الإسرائيلي في ساحتي أذربيجان وأرمينيا على المجال الاستخباراتي، مع سعي كل طرف لكسب ساحات جديدة لجمع المعلومات، في محاولة لامتلاك موطئ قدم في الشرق الأوسط وآسيا وجنوب أوروبا، فيما يرجّح مراقبون أن التعاون الاستخباراتي بين إيران وأرمينيا، أحرز نجاحًا، ولكن من غير المعروف ما إذا كان قد تسبّب في قيود على الأنشطة الإسرائيلية، التي تتم من داخل أذربيجان.

بقلم: ربيع يحيى – إرم نيوز

scroll to top